السبت، 21 مارس 2009

حقيقة الجسر الجوي

السلام عليكم,
إستكمالا لما سبق أن سردته وما يكاد يمزق قلبي ولكني أصررت أن أكتب جزء منه فقط.
الآن أريد أن اسلط الضوء على حقيقة الجسر الجوي في حرب اكتوبر 1973 والذي كثر الكلام عنه, ولكن هنا أذكر المفيد والجديد, ولدي مصادري بفضل الله.
بداية أحب أن أسرد بعض المعلومات عن خسائر القوات المسلحة المصرية في الدبابات وخسائر العدو, وكانت كالتالي:
كانت خسائر المصريين: يوم 6 و 7 اكتوبر: 40 دبابة
يوم 8 و 9 و 10 : 120 دبابة
يوم 11 و12 و13: 80 دبابة
يوم 14: 250 دبابة
مجموع: 490 دبابة
الملاحظ أن أرقام الدبابات تكاد تكون سالمة ك40 أو 60 أو 120, لأن اللواء كان مجهزا برقم سالم وعندما ينهزم وتنفجر له 10 دبابات مثلا يبدأ في الإنسحاب تاركا باقي الدبابات لأنها مصيرها أن تدمر أيضا بمعرفة مدفعية العدو أو طائراته, فتكون الخسائر هي كل ما تملك الكتيبة من دبابات ويكون الرقم 60 أ و 40 هو ما زودت به الكتيبة أو الفرقة لهذه المواجهة. وهذا الاسلوب زاد من عدد خسائرنا في الدبابات.

خسائر العدو:
يوم 6 و7 أكتوبر: 300 دبابة
يوم 8 و 9 اكتوبر: 260 دبابة
أيام 10 و11 و12 و 13 و 14 : 100 دبابة فقط !!
المجموع: 660 دبابة

وهذه المعركة هي أكبر معركة دبابات في التاريخ كما سميت في ذلك الوقت. وذكر الطرف الإسرائيلي أنه لم يكن يتوقع هذا الكم من الخسائر, خاصة في الكتائب التي تعد هي الأقوى على الإطلاق في طليعة الجيش الإسرائيلي, وهو ما أربكهم لبعض الوقت وطالب بعض القيادات بالحل النووي دون الرجوع للولايات المتحدة والتي أحسوا أنها غدرت بهم وأنها على علم بذلك, مما أثار جولدا مائير واصرت نقل هذه الأفكار لهنري كيسنجر والرئيس نيكسون كنوع من الضغط والتشكيك في المساندة الأمريكية في الداخل الإسرائيلي, والذي بدوره أمر بفتح جميع المخازن ونقل كل البضائع الطلبيات المتأخرة للإسرائيليين لدى أميركا فورا في جسر جوي, وطالبت إسرائيل برفع كفاءة الجسر أربعة مرات متتالية حتى تستعيض عن الدبابات التي تم تدميرها, ولم يذكر ديان من الذي كان باستطاعته قيادة كم الدبابات الجديدة بعد موت وإصابة عدد لا بأس به من قادة الدبابات في صدر الجيش ؟؟؟ ونفس السؤال لم تجب عليه جولدا مائير, مع إصرارهم على أنهم دخلوا الحرب وحدهم, ومفس الشيء ينطبق على الطائرات حيث ليس كل الجنود في الجيش باستطاعتهم قيادة الدبابات أو الطائرات, فالطيارين بالذات نادرين, وعندما نتحدث عن سقوط 280 طائرة إسرائيلية, فإننا نتحدث عن خروج مالا يقل عن 200 طيار منهم عن الخدمة, فكيف لدولة صغيرة أن يكون لها 200 غيرهم في وقت قصير ربما يومان أو ثلاثة فقط !! هذا إذا علمنا أن قوة الطيران الإسرائيلي كانت تقدر وقتها ب560 طائرة, بالإضافة لما جاء في الجسر الجوي كتعويض عن الفاقد.

وبالطبع ذكر هذه الأرقام في البداية تعتبر سند مهم عند ذكر تفاصيل الجسر الجوي لاحقا, ولك عزيزي القارىء تخيل الموقف على ضوء ذلك.
أولا: الكوبري الجوي إلى إسرائيل:
من خلال 566 رحلة طيران شحن أمريكية حاملة 22395 طن باستخدام طائرات الشحن سي 5 وسي 141 والباقي بمعرفة شحن طيران العال الإسرائيلي كتر خيره !
- كوبري شركة العال: 5500 طن
- الكوبري الجوي بمعرفة طيران النقل الأمريكي: 22395
الإجمالي: 27895 طن

واشتمل على طائرات فانتوم وهليوكوبتر سي إتش 53 والدبابات M60 ومعدات الحرب الإلكترونية.

ثانيا: الكوبري الجوي إلى مصر وسوريا:
تم باستخدام طائرات انتنوف 12 وانتنوف 22 وقامت بتنفيذ 900 طلعة, نقلت خلاله 15000 طن ابتداءا من يوم 9 اكتوبر
كما تم نقل 63000 طن بحرا منها حوالي 56000 طنا للجبهة السورية.
شمل الدبابات (للجبهة السورية), ووسائل الدفاع الجوي والذخائر لكلا من مصر وسوريا مناصفة.

من الأرقام والثوابت يظهر أنه كان هناك جسر جوي لمصر تم التعتيم عنه وعن ماهيته, ولكنه متضائل الحجم والإمكانيات أمام ما يصل للجبهة المضادة ! كما أنه وضح اهتمام السوفييت أكثر بالجانب السوري الذي أسلم لهم جميع الصلاحيات وكذلك المعلومات الاستخباراتيه الفائقة السربة, كذلك أطلعوهم على خطة المعركه في الوقت التي رفضت فيه القيادة المصرية أي تدخل في المعلومات الإستخباراتية المصرية أو إطلاعهم على الخطة حتى أثناء المعركة ووقت الثغرة وحتى جاء السوفييت بصور أقمار صناعية تظهر الإختراق والثغرة وواجه كوسيجين السادات عند حضوره مصر بهذه الصور مرتين ما بين 16 و 19 اكتوبر! ومع ذلك لم يكترث السادات وأكد أن لديه الاحتياطات اللازمة وجاري اتخاذ اللازم, ولهذا فكان السوفييت يتعاملون بجفاف مع مصر بعض الشيء مقارنة بما تفعله مع سوريا, ففي حربي 67 و73 كان تحرك قوات الجو السوفييتي على وشك التحرك لنجدة الجبهة السورية في المرتين ! وكانت معلومات السوفييت قبل حرب 1967 تؤكد أن هناك حشود ضد سوريا من إسرائيل وأن مصر يجب أن تتخذ موقفا وتقوم بتفعيل إتفاقية الدفاع المشترك, تعرضت مصر للضغط من السوفييت في الحرب الأولى لصالح سوريا وخسرنا نحن الجانب الأكبر, وفي الحرب الثانية تم الضغط مجددا لتخفيف العبء عن السوريين وخسر كلانا أيضا وكانت الفداحة لدينا نحن أكبر!! حيث كانت الجيوش العربيه من السعودية والأردن والعراق على الجبهة السورية !! ونحن فقد بعثت لنا ليبيا سرب طائرات قديم بعض الشيء ولكنه أدى المطلوب في الضربة الجوية الأولى, ولم يكن بالإمكان أن يقوم أيا من الطائرات المصرية بأي مناورة مع طائرات العدو لفارق الكفاءة جيلا كاملا, وهو ما أدى لخسارة 19 طائره في التجربة الوحيده أثناء حرب اكتوبر للإشتباك مع العدو في صدام جوي.

للتاريخ...
كان موقف حكيم من السادات بطرد الخبراء الروس قبل المعركة بفترة, ولكن لم يذكر علنا أنه استعادهم مرة أخرى بعض وساطة سورية ليعودوا بجزء أقل لتدريب الجنود على المعدات الجديدة ومنها صواريخ الردع بعيدة المدى التي كان يهدد بها السادات بضرب قلب إسرائيل, وهي ما تسمى صواريخ سكود الآن, وقد قال السادات أنها صناعة مصرية وستقلب ميزان المعركة, والحقيقة أنها كانت صواريخ روسية الصنع 100%, وكانت الكثير من الأجهزه لم يتدرب عليها الجنود بعد والأسلحة لا تزال في المخازن لم يكتمل التدريب عليها, فكانت ورطة تجاهلها السادات وطالب رئيس الأركان بالتصرف في ضوء المتاح !! وعند المصارحة السريعة بأنه مستحيل طالبهن بالعودة مرة أخرى.. وعند عودة الخبراء السوفييت قاموا بعمل تدريب سريع للجنود وسلاح المهندسين لصيانة وتشغيل هذا الصاروخ (سلاح الردع) وأسلحة أخرى كثيرة كانت قد تم توريدها منذ 1972, ولم يتم انتهاء التدريب على هذا الصاروخ إلا في يوم 22 اكتوبر (يوم وقف إطلاق النار) وإحتفالا بالوقت القياسي الذي الذي تمكن فيه الجنود من تشغيل الصاروخ, قاموا بضرب ثلاثة منها على منطقة ثغرة الدفرسوار قبل وقف إطلاق النار بساعتين, والصواريخ كانت جديدة لم تغادر مخازن المصانع الحربية في الأراضي السوفييتيه إلا من 48 ساعة فقط ! واتخذها الإسرائيليين ذريعة لتكسر وقف إطلاق النار وتطويق الجيش الثالث ومحاصرته في يوم 25 اكتوبر وتلك هي الضربة القاسمة والخطأ الفادح في القيادة زالتي غيرت كل الحسابات في المفاوضات لاحقا, وهذا هو موضوعي التالي بإذن الله.. (حصار الجيش الثالث في السويس) و (سلاح المهندسين).

والله المستعان.

المصادر..
(ملفات خاصة منقولة عن ش.م.ق.م.م)
(مذكرات اللواء سعد الشاذلي ر.ا.ح.ق.م.م)
(مذكرات اللواء الجمسي ر.ا.ح.ق.م.م)
(كتاب الفرص الضائعة لأمين هويدي رئيس المخابرات ووزارة الحربية السابق)
(مذكرات ****** من الفرقة الثانية مشاة)
(كتاب البحث عن الذات -محمد أنور السادات-)
( موشي ديان Story of My Life)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق